يحتفل العالم بعد 52 يوما وتحديدا في 16 نوفمبر من كل عام بـ”اليوم الدولي للتسامح“، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 1995، كتأكيد عالمي على أهمية الاحترام المتبادل وتجاوز الخلافات بين الشعوب، إذ يمثل هذا اليوم فرصة للتذكير بأن التسامح ليس مجرد قيمة أخلاقية، بل أداة فعالة لتعزيز السلام والاستقرار على مستوى العالم.
نشأة اليوم الدولي للتسامح تعود إلى عام 1993، حين أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلانًا حول التسامح، ليتم تحديد 16 نوفمبر يومًا عالميًا له عام 1995، وجاءت هذه المبادرة بعد ملاحظة تزايد ظاهرة التنوع الثقافي والديني والحاجة الملحة لبناء ثقافة تقوم على الحوار والتفاهم، في مواجهة العنف والتعصب، وقد أطلقت اليونسكو برامج عالمية للحوار بين الثقافات، بهدف تعزيز مفاهيم التسامح بين الشعوب وتشجيع الاحترام المتبادل.
التسامح يلعب دورًا محوريًا في مواجهة تحديات العصر الحديث، حيث تتزايد مظاهر العنف والتطرف في مناطق متعددة، فهو ليس وسيلة لبناء السلام المجتمعي فحسب، بل يعزز حقوق الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية. وعلى المستوى الشخصي، يخفف التسامح من حدة النزاعات ويشجع على التعايش بين الأفراد من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة، مما يجعل المجتمعات أكثر تماسكًا واستقرارًا.
كما يشكل التسامح قيمة مركزية في الإسلام، حيث يُعتبر خلقًا عظيمًا حث عليه القرآن الكريم وسيرة النبي ﷺ. فهو التجاوز عن الإساءة، ونسيان أخطاء الماضي، والسعي لرؤية مزايا الآخرين بدلًا من أخطائهم، ويظهر هذا في مواقف الصحابة، مثل موقف عبدالله بن مسعود حين سرقت أمواله فاختار الدعاء للآخر بدل الانتقام، مؤكدًا أن التسامح يولد السلام الداخلي والمجتمعي.
على صعيد أوسع، يمكن أن يُترجم التسامح إلى سياسات وممارسات عملية، من خلال التعليم ووسائل الإعلام ومبادرات المجتمع المدني، بما يعزز ثقافة الحوار ويقلل من انتشار خطاب الكراهية. فالتحرك الجماعي والفردي معًا يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا في بناء عالم أكثر عدلاً وأمنًا.
اليوم الدولي للتسامح ليس مجرد مناسبة سنوية، بل دعوة مستمرة لتعزيز الاحترام والتفاهم بين البشر، ونشر قيم السلام والمحبة والتعايش بين الشعوب، لتصبح هذه المبادئ جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، من أجل عالم أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا.

