أشاد محمد عبد الحليم، مدير مركز ايجشيبين انتربرايز للدرسات والسياسات الاستراتيجية، خلال مداخلته في برنامج “عمق” والذي يبث عبر قناة QNews، بالدور المصري في العمل كوسيط رئيسي لتنظيم الجهود الدولية لدعم عملية إعادة إعمار قطاع غزة بعد الدمار الشامل.
وأوضح عبد الحليم أن التكلفة المقدرة لإعادة الإعمار، والتي تصل إلى 70 مليار دولار، تمثل تقديراً أولياً قابل للارتفاع في المستقبل، مؤكداً أن النجاح في هذه المهمة يتطلب توفير شروط سياسية وقانونية صارمة لضمان الاستقرار والعدالة في المنطقة.
وأشار إلى أنه لا يمكن البدء في عملية إعادة البناء دون وجود حكم انتقالي فلسطيني موثوق وغير مرتبط بحماس، مما يساهم في كسب ثقة الدول المانحة. وأضاف أن على المجتمع الدولي الدفع نحو تنظيم انتخابات حرة واستكمال انسحاب القوات الإسرائيلية، حيث “الوقت ليس في صالح الفلسطينيين”، مع الأخذ بعين الاعتبار الضغوط الإقليمية المتزايدة.
وثمن عبد الحليم أهمية إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي على غرار قرار رقم 692 لسنة 1991، الذي ألزم العراق بدفع تعويضات للكويت بعد غزوها، مشدداً على ضرورة إلزام إسرائيل بتحمّل جزء من التكاليف الناتجة عن الدمار الذي خلفته، مع تحذير من التاريخ الطويل لعدم التزام إسرائيل بالقرارات الدولية. واعتبر أن هذا النهج يمثل خطوة استراتيجية لتحويل الضغط الدبلوماسي إلى آليات تنفيذية ملموسة.
وأضاف عبد الحليم أن هناك ضرورة ملحّة للضغط الدولي على إسرائيل لتنفيذ انسحابها والامتثال للقرارات الدولية، وخاصة مع وجود خطر اندلاع حرب أهلية داخل غزة نتيجة التوترات بين الفصائل الفلسطينية والأسلحة المتبقية. وأشار إلى أنه إذا لم يتم ضمان الاستقرار، فسيؤدي ذلك إلى تعطيل مؤتمر المساهمين المقرر انعقاده في نوفمبر، مما يضع المسؤولية الأخلاقية والإنسانية أمام المجتمع الدولي بشكل واضح.
ودعا إلى تعزيز دور الشركاء الدوليين، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لدعم آليات خطة الرئيس ترامب لإعادة الإعمار، مستشهداً بتجارب ناجحة مثل إعادة إعمار رواندا بعد الإبادة الجماعية عام 1994. وأكد أن التركيز على حل القضايا الأساسية، مثل البنية التحتية المدمرة، هو ضرورة استراتيجية لتجنب الفشل.
وأشار عبد الحليم إلى أن استمرار العرقلة الإسرائيلية وعدم التحرك الجاد لفرض التعويضات والحكم المستقر لا يهدد فقط إمكانية الشفاء الإنساني في غزة، بل يقوّض أسس النظام الدولي، مما يمهد الطريق لصراعات إقليمية جديدة قد تنشأ نتيجة الانهيار القانوني والسياسي.
وفي ختام حديثه، اختتم عبد الحليم بالتشديد على أهمية وجود إرادة سياسية حقيقية لمحاسبة المسؤولين عن الدمار، مؤكداً أن إعادة الإعمار المستدام لا يعتمد فقط على التمويل الدولي، بل على تفعيل العدالة الدولية كأداة للردع وتحقيق الاستقرار، وليس فقط كمجرد آلية رمزية.


